المساواة بين الرجل والمرأة

بسم الله الرحمن الرحيم

المساواة بين الرجل والمرأة

شذ في الآونة الأخيرة بعض النساء وبعض الرجال بالمطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة. ويا عجباً لمكابرة هؤلاء في الحق لتبديل سنة الله في خلقه والله تعالى يقول: " فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا " [فاطر:43]. فالله تعالى خلق الكون بِسُنَّةٍ وقانونٍ سماوي فهو الخالق وهو المدبر وهو الآمر والناهي. فمن سُننه مثلاً أن جعل بعض الدواب للركوب وحمل الأثقال إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل بعضها تُذبح وتُؤكل كالإبل والبقر والغنم والماعز والغزلان والأرانب وكذلك جعل من الطيور ما يُذبح ويُؤكل مثل الدجاج والبط والأوز وغيرها مما أُحِلَّ للمسلمين والبعض الآخر حَرَّم أكله على المسلمين كالدم والميتة ولحم الخنزير. فهذه كلها سنن لله تعالى فلا يجوز أن يعترض سائل على سنة الله تعالى في خلقه ويقول لماذا تُذبح هذه الحيوانات وتُؤكل؟! فهذا هو خَلْقُ الله تعالى وهذا هو أمره وحكمه وهو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين. وهكذا من سُنته في خَلْقه أيضاً أن جعل المرأة مرأةً والرجل رجلاً وهما لا يستويان لا في الخِلقة ولا في الأوامر والنواهي وكما قال تعالى في قصة مريم عليها السلام: " وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى " [آل عمران:36]. فحكم أحكم الحاكمين أنهما لا يستويان في الخَلْق ولا في الحكم.

فأولاً فإن المرأة في العبادات لا تؤدي الصلاة في حيضها ولا في نفاسها ولا تقضيها بخلاف الرجل فإنه لو فاتته صلاة فعليه قضاؤها كما جاء في صحيح البخاري: (من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) فهذا أول خلاف بين الرجل والمرأة في الفريضة الأولى من الفرائض وهي الصلاة ، وثانيها فرض الصيام وفيه لا تُتم المرأة شهرها بالكامل في صيامها في رمضان عند الحيض والنفاس وعليها القضاء ، وفي فرض الحج فإن إحرام المرأة في وجهها وكفيها فلا تغطيهما وتلبس القميص وتغطي رأسها أما الرجل فيُمنع عليه لبس المخيط وتغطية رأسه وعليه لبس الرداء والإزار ويكشف ذراعه الأيمن في الحج.

وحتى في اللباس فعورة الرجل من السرة إلى تحت الركبة في الصلاة والمرأة عورتها في الصلاة جسدها كله ما عدا وجهها وكفيها. بل حتى صوت المرأة في الصلاة إذا أخطا الإمام هو عورة فعلى المرأة إذا أخطا الإمام أن ترده بأن تصفق ولا تتكلم بخلاف الرجال ففي صحيح البخاري: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء). وأيضاً ففي صحيح مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها). وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: أَخِّرُوهُنَّ حيث أَخَّرَهُنَّ الله.

وثانياً فإن المرأة في الميراث تأخذ نصف الرجل كما قال تعالى: " يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ " [النساء:11]. وفي الشهادة كل امرأتين برجل كما قال تعالى: " وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى " [البقرة:282].

زيادة على أن المرأة تحمل وتلد وترضع وتحيض وتنفس بعكس الرجل فهما لا يستويان في ذلك أيضاً. وكذلك جعل الله القوامة للرجل على المرأة بقوله تعالى: " وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ " [البقرة:228]. وقوله تعالى: " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ " [النساء:34]. ففضل الله الرجال بقوة الجسم وبقوة العقل ولذلك جعل عصمة المرأة بيد الرجل لأنه يملك نفسه أكثر من المرأة لأنها أكثر عاطفة وأضعف في بنيتها الجسدية وأنقص عقلاً. والبعض يظن خطأً أن المقصود بنقص العقل نقص الذكاء فينكر نقص عقلها لأن بعض النساء يتفوقن في الدراسة على الرجال والحقيقة أن المقصود هو تحمل الرجل وتحكمه في عاطفته أكثر من المرأة فيتصرف بتعقل وحكمة أكثر منها فنقص عقلها في سرعة تأثرها وشدة عاطفتها وليس في نقص ذكائها ولذلك جعل الله تعالى العصمة في يد الرجل لأنه أكثر عقلانية ورزانة وحكمة وقوة تحمل بعكس المرأة فهي عاطفية ولذلك يمكن أن تفسخ العقد عند أي غضب من الرجل وبكل سهولة وهذا ما عناه الحديث: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يَكْفُرن) قيل - أيكفرون بالله؟ قال: (يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط). [رواه البخاري ج1 ص14]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره. واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً). [متفق عليه واللفظ للبخاري. ولمسلم: (فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها) - بلوغ المرام من أدلة الأحكام ص187]. وفي صحيح البخاري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام).

وحتى في عدم المساواة جعل الله جميع الرسل والأنبياء من الرجال وليس من النساء من آدم عليه السلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين.

ولهذا كله كان من الطبيعي أنه لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارساً ملكوا ابنة كسرى قال: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة). والحديث في صحيح البخاري. وعقلاً وفقهاً فإنه لا يجوز للمرأة إمامة الرجال في الصلاة وهي الإمامة الصغرى فمن باب أولى في الإمامة الكبرى والأصل في المرأة الستر مصداقاً لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من ربها إذا هي في قعر بيتها). فلا ينبغي معاندة الله تعالى في سنته في خلقه وفطرته التي فطر الناس عليها فالرجل خُلِق للجهاد وللقيادة والمرأة خُلِقت للقيام بشؤون أسرتها وجهادها في بيتها فإخراجها منه وإقحامها فيما لم تُخلَق له يورث الشقاء وعدم الفلاح. وقد قال تعالى في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم: " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى " [الأحزاب:33]. وقال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ " [الأحزاب:53]. فرغم أنهن أمهات للمؤمنين فقد أُمر الصحابة وهم وهن أشرف وأطهر الخلق أُمروا أن لا يسألوهن إلا من وراء حجاب فأَولى بنساء عصرنا وهن أقل ديناً من أمهات المؤمنين أن يستترن عن الرجال ولا يخرجن من بيوتهن إلا للضرورة وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد. هذا في عصرها رضي الله عنها فكيف في عصرنا وحال عصرنا يشهد بفساد الذمم والأخلاق؟!.

والمرأة خَلَقها الله تعالى مُتعة حقيقية للرجل فما بال من يعترض على ذلك والله تعالى يقول: " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ " [آل عمران:14]. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (حُبب إلي من الدنيا النساء والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة). حتى أنه صلى الله عليه وسلم تزوج من اثنتي عشرة زوجة. بل إنه لما تزوج أم المؤمنين صفية بنت حيي اليهودي رضي الله تعالى عنها بعد مقتل والدها وزوجها وأخيها في المعركة في خيبر أعرس بها في طريق عودته للمدينة بعد أن طهرت من الحيض في قبة بعد أن دفعها صلى الله عليه وسلم لأم سليم لتصلح من شأنها ولم ينتظر حتى عودته للمدينة صلى الله عليه وسلم. وسيدنا داود عليه السلام تزوج من مائة زوجة كما قال تعالى عن الملائكة التي تسورت عليه المحراب ليعلموه بخطأ قد ارتكبه عندما وقع بصره على امرأة فأعجبه حسنها فأراد زواجها فلما علم أنها ذات زوج أرسل زوجها للقتال فقُتل فتزوج امرأته فأرسل الله تعالى إليه هؤلاء الملائكة في صورة إنسيين وقال له أحدهما: " إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ " [ص:24،23]. والقصة فيها روايات كثيرة توضح المقصود لا داعي لسردها. وقيل أن سيدنا سليمان تزوج من ألف جارية وفي مسند الإمام أحمد: عن أبي هريرة قال: قال سليمان بن داود أطوف الليلة على مائة امرأة تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله ولم يستثن فما ولدت إلا واحدة منهن بشق إنسان. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو استثنى لولد له مائة غلام كلهم يقاتل في سبيل الله).

وقد أباح الله تعالى للرجال تعدد الزوجات وأن يتزوجن ما طاب لهن من الزوجات على ألا يزدن عن أربع وما شاء من الجواري بلا عدد فقال تعالى: " فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا " [النساء:3]. وقد ادعى البعض أن الشرع لم يُشرع التعدد على إطلاقه ورغب في عدم التعدد استناداً إلى قوله تعالى: " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً " مع قوله تعالى: " وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ " [النساء:129]. وأنه بذلك قد أغلق الباب في وجه التعدد إلا للضرورة ويَرُد على هذا أمران أولهما أنه تعالى بعد قوله: " وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ " عاد ليؤكد على أن الأمر فيه سعة ولا حرج رغم القول بعدم القدرة على العدل بقوله تعالى عقب ذلك: " فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ " [النساء:129]. أي عددوا ولا حرج شرط ألا تميلوا كل الميل. وثانيهما أنه تعالى قال في الآية الأولى: " فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ " ولم يقل ما اضطررتم أو نحو ذلك. وفي المقابل لم يبح الله تعالى للنساء تعدد الأزواج حتى إن إحدى متع الجنة للرجال هي النساء من الحور العين وقد وصفهن الله تعالى بقوله: " مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ " [الرحمن:72]. وبقوله تعالى: " قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ " [الصافات:48]. أي لا ينظرن إلا إلى أزواجهن.

والمرأة إذا طُلِّقت أو تُوفي عنها زوجها فعليها العدة ولا يجوز لها الزواج قبل انقضاء العدة ومدتها ثلاثة أشهر للمطلقة وأربعة أشهر وعشرة أيام للأرملة التي تُوفي عنها زوجها في حين في المقابل ليس للرجل عدة.

وقد أوجب الله تعالى على الزوجة طاعة زوجها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها). وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح). [ورواه مسلم ولفظه: (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح) - تفسير ابن كثير ج1 ص492].

وقد أباح الله تعالى للزوج أن يضرب زوجته تأديباً عند نشوزها ومخالفتها وعصيانها له وانحرافها في سلوكها كما ثبت في صحيح مسلم: عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: (واتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف). [تفسير ابن كثير ج1 ص492]. ومن قال أن الضرب هو بالمسواك فهذا أدنى حالات الضرب وإلا فإن له أن يضربها فوق ذلك ضرباً غير مبرح أي لا يترك جرحاً غائراً ولا يكسر عظماً. قال الحسن البصري: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو أن زوجها لطمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (القصاص). فأنزل الله عز وجل: " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء " الآية. فرجعت بغير قصاص. ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عنه وكذلك أرسل هذا الخبر قتادة وابن جريج والسدي أورد ذلك كله ابن جرير وقد أسنده ابن مردويه من وجه آخر فقال: حدثنا أحمد بن علي النسائي حدثنا محمد بن عبد الله الهاشمي حدثنا محمد بن محمد الأشعث حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد قال: حدثنا أبي عن جدي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال: أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من الأنصار بامرأة له فقالت: يا رسول الله إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري وإنه ضربها فأثر في وجهها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس له ذلك). فأنزل الله تعالى: " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء " أي في الأدب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أردت أمراً وأراد الله غيره). [تفسير ابن كثير ج1 ص491]. وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن داود يعني أبا داود الطيالسي حدثنا أبو عوانة عن داود الأودي عن عبد الرحمن السلمي عن الأشعث بن قيس قال: ضفت عمر رضي الله عنه فتناول امرأته فضربها فقال: يا أشعث احفظ عني ثلاثا حفظتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسأل الرجل فيم ضرب امرأته ولا تنم إلا على وتر ونسي الثالثة. [وكذا رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن مهدي عن أبي عوانة عن داود الأودي به - تفسير ابن كثير ج1 ص492]. وهذا النوع من الضرب لابد منه لأن فيه تخويفاً وزجراً وردعاً للزوجة عن نشوزها إن لم تنزجر بالوعظ والهجر في الفراش لأن آخر العلاج الكي وكما قيل: (العصا لمن عصى). فلا ينبغي أن يتهاون الرجال في تأديب النساء في مثل هذه الحالة وإن لم يكن الزوج حازماً مع زوجته عند نشوزها فلن تستقيم الأُسرة ولن يستقيم المجتمع فهذه العقوبة التأديبية للزوجة الناشز بمثابة الحياة للمجتمع كما في القصاص والحدود كما قال تعالى: " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [البقرة:179]. والله تعالى يقول: " الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ " [النور:2]. فيا عجباً لأولئك المنكرين على الأزواج تأديب زوجاتهم تزلفاً وتملقاً للنساء هؤلاء يظنون أنهم يحسنون صنعاً وفي الحديث: (من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه في سخطه ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه من أسخطه في رضاه حتى يزينه ويزين قوله وعمله في عينه).

 

وأقول لمن شذ من النساء بالمطالبة بالمساواة مع الرجل ما بال هذه المساحيق على وجوهكن من الأخضر والأصفر والأحمر أفلا تركتم هذه الزينة وهذه المساحيق حتى تتساووا مع الرجال؟! إن المطالبة بالمساواة مع الرجل تعني أن تسترجل المرأة لتتساوى مع الرجل وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المسترجلات من النساء ففي صحيح البخاري: لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال: (أخرجوهم من بيوتكم). قال: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً وأخرج عمر فلاناً. فهن ملعونات على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.

 

 

 

وختامــاً

قال تعالى: " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا " [النساء:34].

فالرجوع للحق فضيلة والله تعالى يقول: " انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ " [النساء:171]. ويقول سبحانه: " فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ " [المائدة:91].

صدق الله العظيم

 

أبو أحمد العبادلة

يوم الخميس: 11/ذو القعدة/1433هـ - 27/9/2012م

 

الكاتبأبو أحمد العبادلة بتاريخ : Sep 27 2012 7:37AM

طباعة