زيارة القبور وهدم الأضرحة

بسم الله الرحمن الرحيم

زيارة القبور وهدم الأضرحة

إن للقبور حرمتين حرمة الموت وحرمة أنهم بين يدي الله تعالى في الآخرة وقد أفضوا إلى ما عملوا. فهم في كنف الله تعالى وفي إجارته وفي رعايته وعنايته وفي عدله ورحمته فالاعتداء على الموتى بهدم القبور والأضرحة هو عمل سافر في التدخل في أمور الآخرة وفي حساب الله وفي عقابه.

ورُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يجلس على قبر ميت فقال له: انزل عن القبر لا تؤذ صاحب القبر و لا يؤذيك. وهذا مجرد جلوس وليس هدماً ولا اعتداءً على القبر فما بالكم بمن يتعدى الجلوس إلى الهدم والإيذاء الفعلي؟!!.

وحتى لو كان عملهم من المشتبهات فهم كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري.

فالمعتدون على الأضرحة هم بين أمرين إما شك في دين أصحاب القبور ، أو يقين في أنهم مشركون وكفار وعباد قبور.

والأول الشك في دين أصحاب القبور أو أهليهم الذين بنوا لهم الأضرحة فالله تعالى حكم على ذلك الشك في قوله تعالى: { إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } [الحجرات:12].

والثاني اليقين بأنهم مشركون وكفار وعباد قبور فهؤلاء حكم عليهم صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث في الذي قتل أثناء الحرب مشركاً نطق بالشهادة فعاتبه صلى الله عليه وسلم بقوله: (هل شققت عن قلبه) فَخَطَّأَه في يقينه وحكمه.

وأما من يدّعي الوصاية على الدين الإسلامي وحده ويدعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أجابهم الله تعالى بقوله تعالى: { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ } [الإسراء:13]. وبقوله تعالى: { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } [الأنعام:164]. بل حَكَم الله تعالى بالقطع والقول الفصل بقوله تعالى: { لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ } [الغاشية:22].

بل أوصانا الله تعالى أن نترحم على من ماتوا وسبقونا بأن نقول كما في قوله تعالى: { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } [الحشر:10].

بل زاد الله تعالى بالنصح لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقاعدة فقهية إلى يوم القيامة بقوله تعالى: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } [النحل:125]. وليس بهدم الأضرحة وإيذاء الموتى وأقاربهم وأصحابهم.

وقال تعالى: { وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } [الأعراف:56]. وقال صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون). وكأنك بهم قد حرروا الأقصى وحرروا الديار والأوطان من الأعداء ومن الصهاينة ولم يبق عليهم من عمل إلا هدم القبور والأضرحة للموتى!!.

فالذين تجرؤوا على الله وعلى حرمته وعلى من هم بين يديه ومن هم في جواره من الأموات في الآخرة ولم يستحيوا من الله تعالى ولم يكفهم ولم يمنعهم جواره تعالى لهؤلاء الأموات فهدموا أضرحتهم جهاراً ونهاراً وعلناً وبلا استحياء ولا خشية من غضب الله تعالى ومقته عليهم فليسمعوا قوله تعالى: { وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } [الطلاق:1]. وليتذكروا أن الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً وسأل عالم ذلك الزمان هل يغفر الله له؟ قال له: لا. فقطع عنقه تكملة للمائة ودخل الجنة.

واعلموا أن من قال: (لا إله إلا الله) دخل الجنة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ولما عارضه أبو ذر قائلاً: وإن زنى وإن سرق؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم: (وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر).

واعلموا أن الله أرحم بعباده من المرأة بولدها ومن الدابة بوليدها.

 

وختامــاً

{ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } [البقرة:286].

صدق الله العظيم

 

أبو أحمد العبادلة

يوم الخميس: 29/شعبان/1433هـ - 19/7/2012م

الكاتبأبو أحمد العبادلة بتاريخ : Jul 19 2012 1:39PM

طباعة