الوسيلة والواسطة بالأنبياء والصالحين

بسم الله الرحمن الرحيم

الوسيلة والواسطة بالأنبياء والصالحين

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على شفيع العالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد،،،

قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) [المائدة:35].

فمن التوسلِ التوسلُ بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالأولياء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً وذلك لأنهم أحبابُ الله تعالى وخاصّتُه من خلقه وليس بأعدائه وكما قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات). وكما جاء في حديث الرجل الذي سأل عن قيام الساعة وسؤاله صلى الله عليه وسلم له: ما أعددت لها ؟ فأجاب الرجل: حب الله ورسوله فقال له صلى الله عليه وسلم: (أنت مع من أحببت).

والوسيلة تكون أحد أمرين إما التوجه إلى الله تعالى مباشرةً بالدعاء وهي للصالحين والمتقين كما جاء في الحديث عن الأولياء الذي جاء فيه: (( وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه )) أو السعي لطلب الواسطة بالتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالأولياء والصالحين لأنهم متقون وصالحون وأحباب الله تعالى وهي جائزة في كلتا الحالتين كما دلت عليه الآيتان التاليتان:

فالأولى وهي دعاء الله تعالى مباشرة بدون وساطة بقوله تعالى: (( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ )) [آل عمران:135].

وأما الثانية وهي دعاء الله تعالى بالواسطة بقوله تعالى: (( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا )) [النساء:64].

وكما جمع الله تعالى ذلك في آية واحدة هي: (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )) [الأنفال:33]. وقد جمعت هذه الآية الحالتين السابقتين.

وأما الحياة والممات للنبي صلى الله عليه وسلم وللأولياء والصالحين فهي سواء عند الله تعالى فهم أحياء لأنه جعل حياة البرزخ للشهداء بقوله تعالى: (( وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ )) [البقرة:154].

وهذا تصديقاً لقوله تعالى عن الأولياء: (( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) [يونس:64].

وفي قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) )) [فصلت].

أي كراماتهم لا تذهب مع ذهاب الدنيا بل تبقى في الآخرة التي تبدأ من موتهم إلى يوم القيامة كما دلت تلك الآيتان السابقتان وحتى يوم القيامة كرامة لهم يغبطهم الأنبياء والشهداء كما جاء في الحديث أن عمر بن الخطاب قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى قالوا يا رسول الله تخبرنا من هم قال هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فوالله إن وجوههم لنور وإنهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية (( أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ))

والحياة البرزخية للنبي صلى الله عليه وسلم وللشهداء والصالحين وحتى الكفار والمشركين ولكن الكفار والمشركين يعذبون في قبورهم إلى يوم القيامة والقبر إما حفرة من النار أو روضة من رياض الجنة لجميع الخلق كما دلت عليه الأحاديث. والدليل على الحياة البرزخية أن صلاة الجنازة فيها سكن لهم كما قال تعالى: (( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ )) [التوبة:103].

وختاماً: (( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )) [إبراهيم: 41].

أبو أحمد العبادلة

الأربعاء 12 رمضان 1430 هـ

2 – 9 – 2009 م


2011 © تصميم: م. محمود شكيب العبادلة

Last update: Thursday, July 07, 2011