خطأ الفتوى وخطأ التسمية وخطأ الفهم

بسم الله الرحمن الرحيم

خطأ الفتوى وخطأ التسمية وخطأ الفهم

كثير من العلماء والمثقفين والدعاة مَن يقع في خطأ شائع ومتداول فكما أن هناك فرقاً في التسمية بين الثرى والثريا (فالثرى) هو الأرض (والثريا) هو نجم يسطع في السماء يعرفه الناس فكذلك هناك فرق بين الداء والدواء. فالداء هو مرض يصيب الإنسان والحيوان والنبات وأما الدواء فهو معالجة وشفاء ذلك الداء.

وكذلك هناك فرق شاسع بين السحر والساحر وبين المعالج. فالسحر والساحر هو من يوقع المرض بالإنسان وأما المعالج فهو يقوم بإبطال ذلك السحر وشفاء المريض.

وهما أولاً كالطبيب والمرض فالطبيب يعالج المرض ويشفيه والمرض هو مَن يفترس الإنسان والحيوان والنبات ويهلكه.

وبهذا يتبين أن هناك فرقاً شاسعاً وكبيراً بين الساحر الذي يسأل عن اسم الشخص واسم أمه لإيقاع الضرر والأذى والسحر به شتان بين ذلك وبين المعالج الذي يسأل المريض والمسحور عن اسمه واسم أمه لمعالجته أو الدعاء له.

وثانياً كالعائن والحاسد الذي يحسد المحسود ويمرضه ويهلكه إذا لم يتداوى. ولذلك أمر صلى الله عليه وسلم العائن أن يغسل بعض جسمه ويعطيه للمحسود حتى يغتسل به ليشفى من الحسد. وهذا ما أمر به صلى الله عليه وسلم بقوله: (ما أنزل الله عز وجل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله). رواه الإمام أحمد في مسنده.

وأما تفسير حديث: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) فمعنى الكاهن: هو مَن يدعو كذباً لدين آخر غير الإسلام ويروج له وأما العراف: فهو مَن يخبر كذباً عن الغيب من عند نفسه فهو يكذب على ما قد بلغه من الملأ الأعلى بمائة كذبة كما جاء في الحديث.

وأما المعالج فهو يقتدي بما فعله صلى الله عليه وسلم بنفسه الشريفة عندما سحره لبيد بن الأعصم اليهودي حيث عالج نفسه الشريفة عندما أخبره الملكان بالسحر ومكانه في نومه فأرسل علياً والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف لاستخراج السحر من بئر ذروان لبني زريق ووجده صلى الله عليه وسلم في إحدى عشرة عقدة وحلّ العُقد وهو يقرأ عليها المعوذات حتى انحلت جميعها وبعدها كأنما نشط من عقال وشفي من سحره ذلك.

فالمعالج يقتدي بعلاجه بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في معالجة نفسه الشريفة من السحر والمرض والأذى بعلم تعلمه كباقي الحِرََف والعلوم الكونية الأخرى من علوم الفلك والجبر والحساب والكيمياء والطبيعة والجيولوجيا والجغرافيا والطب والهندسة وباقي العلوم الكونية الأخرى.

وقد علّم الله تعالى آدم عليه السلام الأسماء كلها وعلّم داود عليه السلام صناعة الحديد والدروع وألان له الحديد وعلّم الخضر عليه السلام ما لم يعلمه نبيه ورسوله موسى عليه السلام وعلّم آصف بن برخيا إحضار عرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين لسيدنا سـليمان كما قال تعالـى: " قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي " آية 40 سورة النمل.

وديننا الإسلامي يأمرنا بالعلم كما قال تعالى: " اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " الآيات 3-5 سورة العلق.

فبالحساب وعلمه يعلم المعالج ما لم يعلم عن مرض المريض ودوائه ومعالجته وشفائه ويبطل سحره ويخرجه كمن يخرج الشوكة من جسم المريض وكمن يبطل ويخرج اللغم الأرضي من طريق المسلمين وأرضهم حتى لا ينفجر فيهم ويهلكهم. ومن يمنع العلاج للمرضى فهو كمن لا يريد إخراج الشوكة أو اللغم من أرض المسلمين فيكون بذلك مساعداً للأعداء بطرف خفي أو علني.

وختاماً قال تعالى: " وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا " الآية 82 سورة الإسراء. وقال تعالى: " قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى " الآية 44 سورة فصلت.

فدعوا المسلمين يداووا مرضاهم ليكونوا أصحاء أشداء أمام الأعداء.

 

أبو أحمد العبادلة

الثلاثاء - 2 / 9 / 1432 هـ - 2 / 8 / 2011م

 

 



2011 © تصميم: م. محمود شكيب العبادلة

Last update: Thursday, July 07, 2011